خالد بن سلمان في طهران: السعودية ضد الحرب

في ما فُسّر إسرائيلياً على أنه موقف سعودي يعارض توجيه أي ضربات أميركية أو إسرائيلية لإيران، زار وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، طهران، أمس، حيث اجتمع بالمرشد الأعلى، السيد علي الخامنئي، وسلّمه رسالة من شقيقه ولي العهد، محمد بن سلمان، في أرفع زيارة لمسؤول سعودي منذ إعادة العلاقات بين البلدَين عام 2023، بوساطة صينية.

وأكّد الخامنئي خلال اللقاء الذي جرى بحضور رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري أنّ العلاقات بين البلدين يمكن أن تكون «مفيدة» لكليهما، مشدّداً على أنّ طهران والرياض قادرتان على «التكامل». ولفت إلى أنّ هناك «أعداءً لتوسيع العلاقات بين طهران والرياض»، داعياً إلى تجاوز هذه المحاولات العدائية. كما أعلن «استعداد إيران لمساعدة السعودية في بعض المجالات التي حقّقت فيها طهران تقدُّماً ملحوظاً»، معتبراً أنّه «من الأفضل للأشقّاء في المنطقة أن يتعاونوا ويساعد بعضُهم بعضاً بدلاً من الاعتماد على القوى الخارجية». وفي موازاة ذلك، نقل مكتب المرشد عن وزير الدفاع السعودي، قوله، خلال اللقاء، إنّه «قدِم إلى طهران مكلّفاً بتعزيز العلاقات مع إيران والتعاون في جميع المجالات»، وأعرب عن أمله في أن «تفضي المحادثات البنّاءة إلى علاقات أقوى من تلك التي كانت قائمة في الماضي».

أيضاً، استقبل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الوزير السعودي، مؤكّداً التزام بلاده بتعزيز العلاقات الأخوية مع الدول الإسلامية، وأنّه «بفضل الإرادة المشتركة، يمكن لقادة الدول الإسلامية أن يقدّموا نموذجاً ملهماً للتعايش والازدهار»، مشدّداً على أنّ «إيران مستعدّة لتوسيع علاقاتها مع السعودية في كلّ المجالات، والعمل على تعميم هذا التعاون ليشمل بقية الدول الإسلامية». وفي المقابل، نقلت الرئاسة الإيرانية، عن خالد بن سلمان، قوله إنّ «اتفاق بكين» شكّل بداية لمسار التعاون بين البلدين، وإنّ «سقف العلاقات الثنائية يمكن أن يتجاوزه بكثير». وأوضح الوزير السعودي أنّ «القادة في بلاده يتطلّعون إلى زيارة إيران في أقرب فرصة ممكنة»، مشيراً إلى «تطابق مواقف السعودية وإيران حيال تطورات الأوضاع في غزة وفلسطين».

وفي موازاة ذلك، يُنظر إلى زيارة خالد بن سلمان إلى طهران باعتبارها تطوّراً لافتاً يحمل دلالات سياسية مهمّة، خصوصاً أنها تتزامن مع اقتراب موعد الجولة الثانية من المحادثات الأميركية – الإيرانية في روما، غداً. وتعكس ميلاً سعودياً واضحاً إلى اعتماد التفاوض والدبلوماسية سبيلاً لمعالجة الأزمة النووية الإيرانية، بدلاً من خيار التصعيد العسكري الذي تدفع إليه إسرائيل.

ويبدو أنّ المملكة، وبخلاف موقفها السابق خلال المفاوضات التي أفضت إلى الاتفاق النووي عام 2015، تنظر بـ«إيجابية» إلى المفاوضات القائمة حالياً، إذ باتت تدرك أنّها الخيار الأنسب لتجنّب حرب كبرى قد تجرّ المنطقة، ولا سيما الخليج، إلى تصعيد واسع؛ فيما تترقّب الزيارة المتوقّعة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى السعودية الشهر المقبل، والتي يُراد لها أن تشكّل قمّة إعلان «الصفقات الكبرى» في المنطقة، بدءاً من التوصّل إلى اتفاق في غزة، مروراً بإرساء أُسس اتفاق مع إيران أو على الأقلّ اختطاط مساره، وصولاً إلى إطلاق عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، في إطار «خطة إقليمية شاملة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *